فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (31- 37):

قوله تعالى: {وما جعلْنا أصْحاب النّارِ إِلّا ملائِكة وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلّا فِتْنة لِلّذِين كفرُوا لِيسْتيْقِن الّذِين أوتُوا الْكِتاب ويزْداد الّذِين آمنُوا إِيمانا ولا يرْتاب الّذِين أوتُوا الْكِتاب والْمُؤْمِنُون ولِيقول الّذِين فِي قُلوبِهِمْ مرضٌ والْكافِرُون ماذا أراد اللّهُ بِهذا مثلا كذلِك يُضِلُّ اللّهُ منْ يشاءُ ويهْدِي منْ يشاءُ وما يعْلمُ جُنُود ربِّك إِلّا هو وما هِي إِلّا ذِكْرى لِلْبشرِ (31) كلّا والْقمرِ (32) واللّيْلِ إِذْ أدْبر (33) والصُّبْحِ إِذا أسْفر (34) إِنّها لإِحْدى الْكُبرِ (35) نذِيرا لِلْبشرِ (36) لِمنْ شاء مِنْكُمْ أنْ يتقدّم أو يتأخّر (37)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان هذا غير مميز للمعدود، وكانت الحكمة في تعيين هذا العد غير ظاهر، وكان هذا العدد مما يستقله المتعنت فيزيده كفرا، قال تعالى مبينا لذلك: {وما جعلنا} أي بما لنا من العظمة وإن خفي وجه العظمة فيه على من عمي قلبه {أصحاب النار} أي خزنتها {إلا ملائكة} أي إنهم ليسوا من جنس المعذبين فيرقوا لهم ويطيق المعذبون محأولتهم أو يستريحوا إليهم وهم أقوى الخلق، وقد تكرر عليكم ذكرهم وعلمتم أوصافهم وأنهم ليسو كالبشر بل الواحد منم يصيح صيحة واحدة فيهلك مدينة كاملة كما وقع لثمود، فكيف إذا كا كل واحد من هؤلاء الخزنة رئيسا تحت يده من الجنود ما لا يحصيه إلا الله تعالى {وما جعلنا} على ما لنا من العظمة {عدتهم} أي مذكورة ومحصورة فيما ذكرنا {إلا فتنة} أي حالة مخالطة مميلة محيلة {للذين كفروا} أي أوجدوا هذا الوصف ولو على أدنى الوجوه، فإنهم يستقلونه ويستهزئون به ويتعنتون أنواعا من التعنت بحيث إن بعض أغبياء قريش وهو أبو جهل، قال: ثكلتكم أمهاتكم، أسمع ابن أبي كبشة يقول كذا وأنتم ألدهم، أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم، فقال أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحي- وكان شديد البطش: أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين، وهذا كله على سبيل الاستهزاء، فإنهم مكذبون بالبعث الذي هذا من آثاره، وكان في علم أهل الكتاب أن هذه العدة عدتهم، وأن العرب إذا سمعوا هذه العدة كانت سببا للشك أكثرهم وموضعا للتعنت، فلذلك علق بالفتنة أو ب {جعلنا} قوله: {ليستيقن} أي يوجد اليقين إيجادا تاما كأنه بغاية الرغبة {الذين أوتوا الكتاب} بناه للمفعول لأن مطلق الإيتاء كاف في ذلك من غير احتياج إلى تعيين المؤتي مع أنه معروف أنه هو الله، قال البغوي: مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر.
{ويزداد الذين آمنوا} أي أوجدوا هذه الحقيقة ولو على أدنى الوجوه إلى ما عندهم من الإيمان {إيمانا} بتصديق ما لم يعلموا وجه حكمته لاسيما مع افتتان غيرهم به وكثرة كلامهم فيه، فإن الإيمان بمثل ذلك يكون أعظم.
ولما أثبت لكل من الجاهل والعالم ما أثبت، أكده بنفي ضده مبينا للفتنة فقال: {ولا يرتاب} أي يشك شكا يحصل بتعمد وتكسب {الذين أوتوا الكتاب} لما عندهم من العلم المطابق لذلك، قال ابن برجان: وروى جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما- «إن قوما من أهل الكتاب جاؤوا إليه في قضية- فيها طول، وفيها أنهم سالوه عن خزنة جهنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا وهكذا، في مرة عشرة وفي مرة تسعة، فقالوا: بارك الله فيك يا أبا القاسم، ثم سألهم: ما خزنة الجنة؟ فسكتوا هيبة ثم قالوا: خبزة يا أبا القاسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخبزة من الدرمك».
{والمؤمنون} أي لا يرتاب الذين رسخ الإيمان عندهم لما رأوا من الدلائل التي جعلتهم في مثل ضوء النهار {وليقول الذين} استقر {في قلوبهم مرض} أي شك أو نفاق وإن قل، ونزول هذه السورة قبل وجود المنافقين علم من أعلام النبوة، ولا ينكر جعل الله تعالى بعض الأمور علة لمصالح ناس وفساد آخرين، لأنه لا يسأل عما يفعل على أن العلة قد تكون مقصودة لشيء بالقصد الأول، ثم يرتب عليها شيء آخر يكون قصده بالقصد الثاني تقول: خرجت من البلد لمخالفة أكثر ومخافة الشر لا يتعلق بها الغرض {والكافرون} أي ويقول الراسخون في الكفر الجازمون بالتكذيب المجاهرون به الساترون لما دلت عليه الأدلة من الحق {ماذا} أي أي شيء {أراد الله} أي الملك الذي له جميع العظمة {بهذا}: أي العدد القليل في جنب عظمته {مثلا} أي من جهة أنه صار بذلك مستغربا استغراب المثل، أو أن ذلك إشارة إلى أنه ليس المراد به ظاهره بل مثل لشيء لم يفهموه وفهموا أن بين استجماعه للعظمة وهذا العدد عنادا، وما علموا أن القليل من حيث العدد قد يكون أعظم بقوته من الكثير العدد، ويكون أدل على استجماع العظمة.
ولما كان التقدير: أراد بهذا إضلال من ضل وهو لا يبالي، وهداية من اهتدى وهو لا يبالي، كان كأنه قيل: هل يفعل مثل هذا في غير هذا؟ فقال جوابا: {كذلك} أي مثل هذا المذكور من الإضلال والهداية {يضل الله} أي الذي له مجامع العظمة ومعاقد العز {من يشاء} بأي كلام شاء {ويهدي} بقدرته التامة {من يشاء} بنفس ذلك الكلام أو بغيره، وذلك من حكم جعل الخزنة تسعة عشر والإخبار عنهم بتلك العدة فإن إبراز الأحكام على وجه الغموض من أعظم المهلكات والمسعدات، لأن المنحرف الطباع يبحث عن عللها بحثا متعنتا، فإذا عميت عليه قطع ببطلان تلك الأحكام أو شك، وربما أبى الانقياد، وذلك هو سبب كفر إبليس والمستقيم المزاج يبحث مع التسليم فإن ظهر له الأمر ازداد تسليما وإلا قال: آمنت بذلك كل من عند ربنا- فكان في غاية ما يكون من تمام الانقياد لما يعلم سره- رزقنا الله التسليم لأمره وأعاننا على ذكره وشكره.
ولما كان هذا مما يوهم قلة جنوده تعالى، أتبعه ما يزيل ذلك فقال: {وما} أي والحال أنه ما {يعلم جنود ربك} أي المحسن إليك بأنواع الإحسان المدبر لأمرك بغاية الإتقان من جعل النار وخزنتها وجعلهم على هذه العدة وغير ذلك، فلا تعلم عدتهم لأجل كثرتهم وخروجهم عن طوق المخلوق وما هم عليه من الأوصاف في الأجساد والمعاني {إلا هو} أي الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال، فلو أراد لجعل الخزنة أكثر من ذلك، فقد روي أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لا تعود إليهم نوبة أخرى، وقد ورد أن الأرض في السماء كحلقة ملقاة في فلاة وكل سماء في التي فوقها كذلك، وقد ورد في الخبر: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك قائم يصلي.
وإنما خص هذا العدد لحكم لا يعلمها إلا هو، ومن أراد إطلاعه على ذلك من عباده مع أن الكفاية تقع بدون ذلك، فقد كان في الملائكة من اقتلع مدائن قوم لوط وهي سبع ورفعها إلى عنان السماء، وكل ما في الإنسان من الجواهر والإعراض من جنود الله لو سلط عليه شيء من نفسه لأهلكه: لو تحرك عرق ساكن أو سكن متحرك أو انسد مجوف أو تجوف منسد لهلك.
ولما ذكر شيئا من أسرار سوق الأخبار عنها غامضا، وكان ذلك من رحمة العباد ليفتح لهم بابا إلى التسليم لما يغمض من تذكيرهم بأمر مليكهم لأن العاجز لا يسعه في المشي على قانون الحكمة إلا التسليم للقادر وإلا أهلك نفسه وما ضر غيرها، خص أمرها في التذكير تأكيدا للإعلام تذكيرا بالنعمة لأجل ما لأغلب المخاطبين من اعوجاج الطباع المقتضي للرد والإنكار، المقتضي لسوق الكلام على وجه التأكيد فقال: {وما هي} أي النار التي هي من أعظم جنوده سبحانه وتعالى: {إلا ذكرى للبشر} أي تذكرة عظيمة لكل من هو ظاهر البشرة فبدنه أقبل شيء للتأثر بها لأجل ما يعرفون منها في دنياهم، وإلا فهو سبحانه وتعالى قادر على إيجاد ما هو أشد منها وأعظم وأكثر إيلاما مما لا يعلمه الخلائق.
ولما كان حصرها في الذكرى ربما أوهم نقصا في أمرها يوجب لبعض المعاندين ريبة في عظمه وأنه لا حقيقة لها ولا عذاب فيها، قال رادعا من ذلك ومنبها على الاستعداد والحذر بكلمة لاردع والتنبيه: {كلا} أي إياك أن ترتاب في أهوالها وعظيم أمرها وأحوالها وأوجالها لأن الأمر أطم وأعظم مما يخطر بالبال، فليرتدع السامع ولينزجر.
ولما حصر أمرها في الذكرى ونفى أن يظن بها نقص فيما جعلت له تأكيدا للكلام إشارة إلى ما لأغلب المخاطبين من الشكاسة والعوج إيقاظا مما هم فيه من الغفلة وتلطيفا لما لهم من اللوم والكثافة وتنبيها لهم على السعي في تقويم أنفسهم بما يستعملونه من الأدوية التي يرشدهم سبحانه إلى علاج أمراض القلوب بها، زاد الأمر تأكديا فأقسم على ذلك بما هو ذكرى للناس ولا يظهر معه ظلام الليل كما أن ضياء القرآن لا يظهر معه ظلام الجهل من أعمل عين فكرته، وألقى حظوظ نفسه، فقال: {والقمر} أي الذي هو آية الليل الهادية لمن ضل بظلامه {واليل إذا أدبر} أي مضى فانقلب راجعا من حيث جاء فانكشف ظلامه فزال الجهل بانكشافه، وانصرفت الريب والشكوك بانصرافه {والصبح إذا أسفر} أقبل ضياؤه فجل العلم بحلوله، وحصلت الهداية بحصوله، أو دبر بمعنى (أقبل) قال قطرب: تقول العرب: دبرني فلان أي جاء خلفي.
ولما أقسم على ما أخبر به من ذكراها، وأكده لإنكارهم العظيم لبلاياها استأنف تعظيمها والتخويف منها تأكيدا للتخويف لما تقدم من الإنكار فقال: {إنها} أي النار التي سقر دركة من دركاتها، وزاد في التأكيد على مقتضى زيادتهم في الاستهزاء فقال: {لإحدى الكبر} أي من الدواهي والعظائم، جمع كبيرة وكبرى، وهو كناية عن شدة هولها كما يقول: هو أحد الرجال أي لا مثل له، أو المراد بها واحدة سبع هي غاية في الكبر أي دركات النار، وهو جهنم فلظى فالحطمة فالسعير فسقر فالجحيم فالهأوية، هي إحداها في عظيم أقطارها وشديد إيلامها وإضرارها، حال كونها {نذيرا} عظيما أو من جهة نذارتها أو إنذارا بالغا: فعيل بمعنى المصدر مثل {فكيف كان نكير} [الملك: 18] أي إنكاري، وعبر بقوله: {للبشر} لما تقدم من الإشارة إلى إسراع الجسم العادي في قبول التأثر لاسيما بالنار.
ولما كان التقدم عند الناس لاسيما العرب محبوبا والتأخر مكروها، وكان سبحانه وتعالى قد خلق في الإنسان قوة واختيارا بها يفعل ما قدره الله له وغطى عنه علم العاقبة حتى صار الفعل ينسب إليه وإن كان إنما هو بخلق الله، قال تعالى باعثا لهم على الخير ومبعدا من الشر مستأنفا أو مبدلا جوابا لمن يقول: وما عسى أن نفعل؟ أو ينفع الإنذار وقد قال إنه هو الهادي المضل {يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء} {لمن شاء} أي بإرادته، وصرح بالمقصود لئلا يتعنت متعنتهم فيقول: المراد غيرنا، فقال: {منكم} أي أيها المعاندون {أن يتقدم} أي إلى الخيرات {أو يتأخر} أي عنها فيصل إلى غضب الله تعالى والنار التي هي أثر غضبه، التي جعل ما عندنا من مؤلم الحر ومهلك البرد متأثرا عن نفسيها تذكيرا لنا ورحمة بنا، وحذف المفعول لأن استعماله كثير حتى صار يعرف وإن لم يذكر، وترجمة ذلك: لمن شاء أن يتقدم التقدم بما له من المكنة والاختيار في ظاهر الأمر، ولمن شاء أن يتأخر التأخر، و{أن يتقدم} مبتدأ، وهو مثل (لمن يتوضأ أن يصلي) ويجوز أن تكون الجملة بدلا من {للبشر} على طريق الالتفات من الغائب إلى الحاضر ليصير كل مخاطب به كأنه هو المقصود بذلك بالقصد الأول فيتأمل المعنى في نفسه فيجده صادقا ثم يتأمل فلا يجد مانعا من تعديته إلى غيره من جميع البشر، ويكون (أن) والفعل على هذا مفعولا ل {شاء}. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله تعالى: {وما جعلْنا أصحاب النار إِلاّ ملائكة}
روي أنه لما نزل قوله تعالى: {عليْها تِسْعة عشر} [المدثر: 30] قال أبو جهل: لقريش ثكلتكم أمهاتكم، قال ابن أبي كبشة: إن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الجمع العظيم، أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم! فقال أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد البطش: أنا أكفيكم سبعة عشر واكفوني أنتم اثنين! فلما قال أبو جهل وأبو الأشد ذلك، قال المسلمون ويحكم لا تقاس الملائكة بالحدادين! فجرى هذا مثلا في كل شيئين لا يسوى بينهما، والمعنى لا تقاس الملائكة بالسجانين والحداد، السجان الذي يحبس النار، فأنزل الله تعالى: {وما جعلْنا أصحاب النار إِلاّ ملائكة} واعلم أنه تعالى إنما جعلهم ملائكة لوجوه أحدها: ليكونوا بخلاف جنس المعذبين، لأن الجنسية مظنة الرأفة والرحمة، ولذلك بعث الرسول المبعوث إلينا من جنسنا ليكون له رأفة ورحمة بنا وثانيها: أنهم أبعد الخلق عن معصية الله تعالى وأقواهم على الطاعات الشاقة وثالثها: أن قوتهم أعظم من قوة الجن والإنس، فإن قيل: ثبت في الأخبار، أن الملائكة مخلوقون من النور، والمخلوق من النور كيف يطيق المكث في النار؟ قلنا: مدار القول في إثبات القيامة على كونه تعالى قادرا على كل الممكنات، فكما أنه لا استبعاد في أن يبقى الحي في مثل ذلك العذاب الشديد أبد الآباد ولا يموت، فكذا لا استبعاد في بقاء الملائكة هناك من غير ألم.
ثم قال تعالى: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
هذا العدد إنما صار سببا لفتنة الكفار من وجهين الأول: أن الكفار يستهزئون، يقولون: لم لم يكونوا عشرين، وما المقتضى لتخصيص هذا العدد بالوجود؟ الثاني: أن الكفار يقولون هذا العدد القليل كيف يكونون وافين بتعذيب أكثر خلق العالم من الجن والإنس من أول ما خلق الله إلى قيام القيامة؟ وأما أهل الإيمان فلا يلتفتون إلى هذين السؤالين.
أما السؤال الأول: فلأن جملة العالم متناهية، فلابد وأن يكون للجواهر الفردة التي منها تألفت جملة هذا العالم عدد معين، وعند ذلك يجيء ذلك السؤال، وهو أنه لم خصص ذلك العدد بالإيجاد، ولم يزد على ذلك العدد جوهر آخر ولم ينقص، وكذا القول في إيجاد العالم، فإنه لما كان العالم محدثا والإله قديما، فقد تأخر العالم عن الصانع بتقدير مدة غير متناهية، فلم لم يحدث العالم قبل أن حدث بتقدير لحظة أو بعد أن وجد بتقدير لحظة؟ وكذا القول في تقدير كل واحد من المحدثات بزمانه المعين، وكل واحد من الأجسام بأجزائه المحدودة المعدودة، ولا جواب عن شيء من ذلك إلا بأنه قادر مختار، والمختار له أن يرجح الشيء على مثله من غير علة، وإذا كان هذا الجواب هو المعتمد في خلق جملة العالم، فكذا في تخصيص زبانية النار بهذا العدد.
وأما السؤال الثاني: فضعيف أيضا، لأنه لا يبعد في قدرة الله تعالى أن يعطي هذا العدد من القدرة والقوة ما يصيرون به قادرين على تعذيب جملة الخلق، ومتمكنين من ذلك من غير خلل، وبالجملة فمدار هذين السؤالين على القدح في كمال قدرة الله، فأما من اعترف بكونه تعالى قادرا على مالا نهاية له من المقدورات، وعلم أن أحوال القيامة على خلاف أحوال الدنيا زال عن قلبه هذه الاستبعادات بالكلية.
المسألة الثانية:
احتج من قال: إنه تعالى قد يريد الإضلال بهذه الآية، قال لأن قوله تعالى: {وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلاّ فِتْنة لّلّذِين كفرُواْ} يدل على أن المقصود الأصلي إنما هو فتنة الكافرين، أجابت المعتزلة عنه من وجوه أحدها: قال الجبائي: المراد من الفتنة تشديد التعبد ليستدلوا ويعرفوا أنه تعالى قادر على أن يقوي هؤلاء التسعة عشر على مالا يقوى عليه مائة ألف ملك أقوياء وثانيها: قال الكعبي: المراد من الفتنة الامتحان حتى يفوض المؤمنون حكمة التخصيص بالعدد المعين إلى علم الخالق سبحانه، وهذا من المتشابه الذي أمروا بالإيمان به وثالثها: أن المراد من الفتنة ما وقعوا فيه من الكفر بسبب تكذيبهم بعدد الخزنة، والمعنى إلا فتنة على الذين كفروا ليكذبوا به، وليقولوا ما قالوا، وذلك عقوبة لهم على كفرهم، وحاصله راجع إلى ترك الألطاف والجواب: أنه لا نزاع في شيء مما ذكرتم، إلا أنا نقول: هل لإنزال هذه المتشابهات أثر في تقوية داعية الكفر، أم لا؟ فإذا لم يكن له أثر في تقوية داعية الكفر، كان إنزالها كسائر الأمور الأجنبية، فلم يكن للقول بأن إنزال هذه المتشابهات فتنة للذين كفروا وجه ألبتة، وإن كان له أثر في تقوية داعية الكفر، فقد حصل المقصود، لأنه إذا ترجحت داعية الفعل، صارت داعية الترك مرجوحة، والمرجوح يمتنع أن يؤثر، فالترك يكون ممتنع الوقوع، فيصير الفعل واجب الوقوع، والله أعلم، واعلم أنه تعالى بين أن المقصود من إنزال هذا المتشابه أمور أربعة.
أولها: {لِيسْتيْقِن الذين أوتُواْ الكتاب} وثانيها: {ويزْداد الذين ءامنُواْ إيمانا} وثالثها: {ولا يرْتاب الذين أوتُواْ الكتاب والمؤمنون} ورابعها: {ولِيقول الذين في قُلوبِهِم مّرضٌ والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا} واعلم أن المقصود من تفسير هذه الآيات لا يتلخص إلا بسؤالات وجوابات:
السؤال الأول: لفظ القرآن يدل على أنه تعالى جعل افتتان الكفار بعدد الزبانية سببا لهذه الأمور الأربعة، فما الوجه في ذلك؟
والجواب: أنه ما جعل افتتانهم بالعدد سببا لهذه الأشياء وبيانه من وجهين:
الأول: التقدير: وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا، وإلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب، كما يقال: فعلت كذا لتعظيمك ولتحقير عدوك، قالوا: والعاطفة قد تذكر في هذا الموضع تارة. وقد تحذف أخرى.
الثاني: أن المراد من قوله: {وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلاّ فِتْنة لّلّذِين كفرُواْ} هو أنه وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر إلا أنه وضع فتنة للذين كفروا موضع تسعة عشر كأنه عبر عن المؤثر باللفظ الدال على الأثر، تنبيها على أن هذا الأثر من لوازم ذلك المؤثر.
السؤال الثاني: ما وجه تأثير إنزال هذا المتشابه في استيقان أهل الكتاب؟
الجواب: من وجوه:
أحدها: أن هذا العدد لما كان موجودا في كتابهم، ثم إنه عليه السلام أخبر على وفق ذلك من غير سابقة دراسة وتعلم، فظهر أن ذلك إنما حصل بسبب الوحي من السماء فالذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب يزدادون به إيمانا.
وثانيها: أن التوراة والإنجيل كانا محرفين، فأهل الكتاب كانوا يقرأون فيهما أن عدد الزبانية هو هذا القدر، ولكنهم ما كانوا يعولون على ذلك كل التعويل لعلمهم بتطرق التحريف إلى هذين الكتابين، فلما سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوي إيمانهم بذلك واستيقنوا أن ذلك العدد هو الحق والصدق.
وثالثها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم من حال قريش أنه متى أخبرهم بهذا العدد العجيب، فإنهم يستهزئون به ويضحكون منه، لأنهم كانوا يستهزئون به في إثبات التوحيد والقدرة والعلم، مع أن تلك المسائل أوضح وأظهر فكيف في ذكر هذا العدد العجيب؟ ثم إن استهزاءهم برسول الله وشدة سخريتهم به ما منعه من إظهار هذا الحق، فعند هذا يعلم كل أحد أنه لو كان غرض محمد صلى الله عليه وسلم طلب الدنيا والرياسة لاحترز عن ذكر هذا العدد العجيب، فلما ذكره مع علمه بأنهم لابد وأن يستهزئوا به علم كل عاقل أن مقصوده منه إنما هو تبليغ الوحي، وأنه ما كان يبالي في ذلك لا بتصديق المصدقين ولا بتكذيب المكذبين.
السؤال الثالث: ما تأثير هذه الواقعة في ازدياد إيمان المؤمنين؟
الجواب: أن المكلف مالم يستحضر كونه تعالى عالما بجميع المعلومات غنيا عن جميع الحادثات منزها عن الكذب والحلف لا يمكنه أن ينقاد لهذه العدة ويعترف بحقيقتها، فإذا اشتغل باستحضار تلك الدلائل ثم جعل العلم الإجمالي بأنه صادق لا يكذب حكيم لا يجهل دافعا للتعجب الحاصل في الطبع من هذا العدد العجيب فحينئذ يمكنه أن يؤمن بحقيقة هذا العدد، ولا شك أن المؤمن يصير عند اعتبار هذه المقامات أشد استحضارا للدلائل وأكثر انقيادا للدين، فالمراد بازدياد الإيمان هذا.
السؤال الرابع: حقيقة الإيمان عندكم لا تقبل الزيادة والنقصان فما قولكم في هذه الآية؟ الجواب: نحمله على ثمرات الإيمان وعلى آثاره ولوازمه.
السؤال الخامس: لما أثبت الاستيقان لأهل الكتاب وأثبت زيادة الإيمان للمؤمنين فما الفائدة في قوله بعد ذلك: {ولا يرْتاب الذين أوتُواْ الكتاب والمؤمنون}؟
الجواب: أن المطلوب إذا كان غامضا دقيق الحجة كثير الشبهة، فإذا اجتهد الإنسان فيه وحصل له اليقين فربما غفل عن مقدمة من مقدمات ذلك الدليل الدقيق، فيعود الشك والشبهة، فإثبات اليقين في بعض الأحوال لا ينافي طريان الارتياب بعد ذلك، فالمقصود من إعادة هذا الكلام هو أنه حصل لهم يقين جازم، بحيث لا يحصل عقيبه ألبتة شك ولا ريب.
السؤال السادس: جمهور المفسرين قالوا في تفسير قوله: {الذين في قُلوبِهِمْ مّرضٌ} إنهم الكافرون وذكر الحسين بن الفضل البجلي أن هذه السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق، فالمرض في هذه الآية ليس بمعنى النفاق؟
والجواب: قول المفسرين حق وذلك لأنه كان في معلوم الله تعالى أن النفاق سيحدث فأخبر عما سيكون، وعلى هذا تصير هذه الآية معجزة، لأنه إخبار عن غيب سيقع، وقد وقع على وفق الخبر فيكون معجزا، ويجوز أيضا أن يراد بالمرض الشك لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكين وبعضهم كانوا قاطعين بالكذب.
السؤال السابع: هب أن الاستيقان وانتفاء الارتياب يصح أن يكونا مقصودين من إنزال هذا المتشابه، فكيف صح أن يكون قول الكافرين والمنافقين مقصودا؟
الجواب: أما على أصلنا فلا إشكال لأنه تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وسيأتي مريد تقرير لهذا في الآية الآتية، وأما عند المعتزلة فإن هذه الحالة لما وقعت أشبهت الغرض في كونه واقعا، فأدخل عليه حرف اللام وهو كقوله: {ولقدْ ذرأْنا لِجهنّم}.
السؤال الثامن: لم سموه مثلا؟
الجواب: أنه لما كان هذا العدد عددا عجيبا ظن القوم أنه ربما لم يكن مراد الله منه ما أشعر به ظاهره بل جعله مثلا لشيء آخر وتنبيها على مقصود آخر، لا جرم سموه مثلا.
السؤال التاسع: القوم كانوا ينكرون كون القرآن من عند الله، فكيف قالوا: ماذا أراد الله بهذا مثلا؟
الجواب: أما الذين في قلوبهم مرض، وهم المنافقون فكانوا في الظاهر معترفين بأن القرآن من عند الله فلا جرم قالوا ذلك باللسان، وأما الكفار فقالوه على سبيل التهكم أو على سبيل الاستدلال بأن القرآن لو كان من عند الله لما قال مثل هذا الكلام.
قوله تعالى: {كذلِك يُضِلُّ الله من يشاء ويهْدِى من يشاء} وجه الاستدلال بالآية للأصحاب ظاهر لأنه تعالى ذكر في أول الآية قوله: {وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلاّ فِتْنة لّلّذِين كفرُواْ} ثم ذكر في آخر الآية: {ولِيقول الذين في قُلوبِهِم مّرضٌ والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا} ثم قال: {كذلِك يُضِلُّ الله من يشاء ويهْدِى من يشاء}.
أما المعتزلة فقد ذكروا الوجوه المشهورة التي لهم:
أحدها: أن المراد من الإضلال منع الألطاف.
وثانيها: أنه لما اهتدى قوم باختيارهم عند نزول هذه الآيات وضل قوم باختيارهم عند نزولها أشبه ذلك أن المؤثر في ذلك الاهتداء وذلك الإضلال هو هذه الآيات، وهو كقوله: {فزادتْهُمْ إيمانا} [التوبة: 124] وكقوله: {فزادتْهُمْ رِجْسا} [التوبة: 125]. وثالثها: أن المراد من قوله: {يُضِلّ} ومن قوله: {يهْدِى} حكم الله بكونه ضالا ويكون مهتديا.
ورابعها: أنه تعالى يضلهم يوم القيامة عن دار الثواب، وهذه الكلمات مع أجوبتها تقدمت في سورة البقرة في قوله: {يُضِلُّ بِهِ كثِيرا ويهْدِي بِهِ كثِيرا} [البقرة: 26].
قوله تعالى: {وما يعْلمُ جُنُود ربّك إِلاّ هو} فيه وجوه:
أحدها: وهو الأولى أن القوم استقبلوا ذلك العدد، فقال تعالى: {وما يعْلمُ جُنُود ربّك إِلاّ هو} فهب أن هؤلاء تسعة عشر إلا أن لكل واحد منهم من الأعوان والجنود مالا يعلم عددهم إلا الله.
وثانيها: وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو، فلا يعز عليه تتميم الخزنة عشرين ولكن له في هذا العدد حكمة لا يعلمها الخلق وهو جل جلاله يعلمها.
وثالثها: أنه لا حاجة بالله سبحانه في تعذيب الكفار والفساق إلى هؤلاء الخزنة، فإنه هو الذي يعذبهم في الحقيقة، وهو الذي يخلق الآلام فيهم، ولو أنه تعالى قلب شعرة في عين ابن آدم أو سلط الألم على عرق واحد من عروق بدنه لكفاه ذلك بلاء ومحنة، فلا يلزم من تقليل عدد الخزنة قلة العذاب، فجنود الله غير متناهية لأن مقدوراته غير متناهية.
قوله تعالى: {وما هي إِلاّ ذكرى لِلْبشرِ} الضمير في قوله: {وما هِى} إلى ماذا يعود؟ فيه قولان:
الأول: أنه عائد إلى {سقر}، والمعنى وما سقر وصفتها إلا تذكرة للبشر.
والثاني: أنه عائد إلى هذه الآيات المشتملة على هذه المتشابهات، وهي ذكرى لجميع العالمية، وإن كان المنتفع بها ليس إلا أهل الإيمان.
{كلّا والْقمرِ (32) واللّيْلِ إِذْ أدْبر (33)}
ثم قال تعالى: {كلاّ} وفيه وجوه:
أحدها: أنه إنكار بعد أن جعلها ذكرى، أن تكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون.
وثانيها: أنه ردع لمن ينكر أن يكون إحدى الكبر نذيرا.
وثالثها: أنه ردع لقول أبي جهل وأصحابه: إنهم يقدرون على مقأومة خزنة النار. ورابعها: أنه ردع لهم عن الاستهزاء بالعدة المخصوصة.
ثم قال تعالى: {والقمر واليل إِذْ أدْبر} وفيه قولان:
الأول: قال الفراء والزجاج: دبر وأدبر بمعنى واحد كقبل وأقبل ويدل على هذا قراءة من قرأ {إذا دبر}، وروى أن مجاهدا سأل ابن عباس عن قوله: {دُبُرٍ} فسكت حتى إذا أدبر الليل قال: يا مجاهد هذا حين دبر الليل، وروى أبو الضحى أن ابن عباس كان يعيب هذه القراءة ويقول: إنما يدبر ظهر البعير، قال الواحدي: والقراءتان عند أهل اللغة سواء على ما ذكرنا، وأنشد أبو علي:
وأبى الذي ترك الملوك وجمعهم ** بصهاب هامدة كأمس الدابر

القول الثاني: قال أبو عبيدة وابن قتيبة: دبر أي جاء بعد النهار، يقال: دبرني أي جاء خلفي ودبر الليل أي جاء بعد النهار، قال قطرب: فعلى هذا معنى إذا دبر إذا أقبل بعد مضي النهار.
{والصُّبْحِ إِذا أسْفر (34)}
أي أضاء، وفي الحديث: «أسفروا بالفجر» ومنه قوله: {وُجوهٌ يوْمئِذٍ مُّسْفِرةٌ} [عبس: 38] أي مضيئة.
{إِنّها لإِحْدى الْكُبرِ (35)}
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
هذا الكلام هو جواب القسم أو تعليل لكلام والقسم معترض للتوكيد.
المسألة الثانية:
قال الواحدي: ألف إحدى مقطوع ولا تذهب في الوصل.
وروي عن ابن كثير أنه قرأ {إنها لإحدى الكبر} بحذف الهمزة كما يقال: ويلمه، وليس هذا الحذف بقياس والقياس التخفيف وهو أن يجعل بين بين.
المسألة الثالثة:
قال صاحب (الكشاف): الكبر جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث فكما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها ونظير ذلك السوافي جمع السافياء وهو التراب الذي سفته الريح، والقواصع في جميع القاصعاء كأنهما جمع فاعلة.
المسألة الرابعة:
{إِنّها لإِحْدى الكبرى} يعني أن {سقر} التي جرى ذكرها لإحدى الكبر والمراد من {الكبر} دركات جهنم، وهي سبعة: جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم والهأوية، أعاذنا الله منها.
{نذِيرا لِلْبشرِ (36)}
{نذيرا} تمييز من إحدى على معنى أنها لإحدى الدواهي إنذارا كما تقول هي إحدى النساء عفافا، وقيل: هو حال، وفي قراءة أبي {نذير} بالرفع خبر أو بحذف المبتدأ.
{لِمنْ شاء مِنْكُمْ أنْ يتقدّم أو يتأخّر (37)} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
في تفسير الآية وجهان:
الأول: أن {يتقدّم} في موضع الرفع بالابتداء و{لمن شاء} خبر مقدم عليه كقولك: لمن توضأ أن يصلي، ومعناه التقدم والتأخر مطلقان لمن شاءهما منكم، والمراد بالتقدم والتأخر السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو في معنى قوله: {فمن شاء فلْيُؤْمِن ومن شاء فلْيكْفُرْ} [الكهف: 29] الثاني: {لمن شاء} بدل من قوله: {للبشر}، والتقدير: إنها نذير لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، نظيره {وللّهِ على الناس حِجُّ البيت منِ استطاع} [آل عمران: 97].
المسألة الثانية:
المعتزلة احتجوا بهذه الآية على كون العبد متمكنا من الفعل غير مجبور عليه وجوابه: أن هذه الآية دلت على أن فعل العبد معلق على مشيئته، لكن مشيئة العبد معلقة على مشيئة الله تعالى لقوله: {وما تشاءون إِلاّ أن يشاء الله} [الإنسان: 30] وحينئذ تصير هذه الآية حجة لنا عليهم، وذكر الأصحاب عن وجه الاستدلال بهذه الآية جوابين آخرين الأول: أن معنى إضافة المشيئة إلى المخاطبين التهديد، كقوله: {فمن شاء فلْيُؤْمِن ومن شاء فلْيكْفُرْ} [الكهف: 29] الثاني: أن هذه المشيئة لله تعالى على معنى لمن شاء الله منكم أن يتقدم أو يتأخر. اهـ.